"العلم نور" منهج الصرخي الحسني... و"الجهل والظلام" سلاح الثالوث المشؤوم
يقول علي بن أبي طالب الناس أعداء ما جهلوا ...، ويقول كونفوشيوس : "الجهل ليل العقاب، ولكنه ليل لا قمر فيه ولا نجوم..." ، ومن المؤكد أن الجهل إذا أتحد مع القوة يكون أكثر الأعداء ضراوة للعدالة...، على حد تعبير جيمس آرثر بالدوين،،، ف"العلم نور والجهل ظلام" ....، لقد أدرك الطواغيت والفراعنة وعشاق الديكتاتورية والهيمنة والبقاء ....الثالوث المشؤوم ( حكام وقادة وأئمة ضلال) خطورة العلم والوعي والفكر على وجودهم ، وأيقنوا ايجابية الجهل وتناغمه مع نواياهم ، فظلامية الجهل وليله هي الحل الأمثل لضمان بقائهم ، وتمرير أجنداتهم ، وتحقيق أهدافهم الخبيثة ومصالحهم الشخصية ، بعيدا عن الضياء والنور الذي يكشفهم ويفضحهم ، ويميط اللثام عن وجوههم ويكشف عن إفلاسهم من الفكر والقيم والأخلاق ، ومن هنا استخدموا الجهل كأفيون يُخدر ويُميِّع الشعوب والأمم ، فعمدوا على نشر الجهل ، وتبني سياسة التجهيل ورديفها التضليل، فشعب جاهل خير لهم من شعب متعلم واعي ، وأمة جاهلة أضمن لبقائهم من امة متعلمة ، امة تجهل تاريخها وحضارتها وقياداتها المخلصة، امة تغفل عن واقعها و مصالحها ، امة تجهل ما يضرها وما ينفعها، امة تجهل أعداءها ولا تعرف أصدقائها ، امة تجهل المخططات التي تحاك ضدها ، هذه الأمة هي من صناعة الثاثوث المشؤوم، هذه الأمة هي وليدة الجهل الذي يجعل منها أمة تابعة وليس متبوعة ، ومقودة وليست قائدة ، ومستهلكة وليست منتجة، ومستوردة وليست مصدرة ، وسلبية وليست ايجابية، امة خانعة مستسلمة فاقدة للإرادة ، نامت في مستنقع التخلف فلا يمكنها أن تواكب الحياة وركب التطور، غير قادر على التفكير تمقت التعلم فعشعش الجهل في جسدها المُخدَّر، لأنها لم تتدبر أو تناست قوله تعالى اقرأ...، هذا المرض الخطير والسلاح الفتاك شخَّصهُ السيد الصرخي الحسني الذي لطالما شخص الداء وحدد الدواء لما يمتلكه من قيادة واعية تشعر بمسؤوليتها الشرعية والأخلاقية والإنسانية والتاريخية تجاه قضايا أمتها ودينها وإنسانيتها، فسعى إلى بذل كل الطاقات والجهود من اجل القضاء على هذا المرض الخطير، فكانت الانطلاقة من ذاته فسلحها بنور العلم والفكر ليثري الساحة العلمية بنتاجه الفكري "المخطوط والمطبوع والمسموع والمرئي" فضلا عن بياناته وخطاباته التي تتميز بالقراءة الموضوعية والتشخيص السليم والحلول الناجعة ، فمثلث النور (العلم والفكر والأخلاق) منهجا اعتمده للتغيير والصلاح والإصلاح ، واثبات الحق والانتصار له وللمظلومين، والدفاع عن الحقوق، رافعا شعار الدعوة والمجادلة بالحسنى الذي استوحاه هدي القرآن الكريم ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ))، وان اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية.
ثم ينطلق السيد الصرخي الحسني بعلمه وفكره ويُحاكي المجتمع بكل مستوياته بأسلوب يفهمه الجميع، بعيدا عن التعقيد والتفلسف ، والمفردات والخطابات المسبوكة التي يغلب عليه الطابع الحوزوي، كي يوصل رسالته وهديه ورشده ومراده إلى عامة الناس ، لأنه لا يريد أن يجعل بينه وبينهم واسطة أو حاجز، يريد أن يؤسس لقاعدة جماهيرية تبحث وتقرأ وتتدبر وتعقل وتتفحص بنفسها، كي تفوت الفرصة على صنّاع الجهل والتضليل وتبور بضاعتهم ، انه يريد أن تتحرر الأمة من قيود الجهل التي كبلها بها الثالوث المشؤوم ، ولهذا خاطب الفرد قائلا : ((لا تثق بأحد ولكن ثق بالدليل وأعقل الكلام عقل رعاية لا عقل رواية...، .....وأي دعوى من دون دليل فهي باطلة وزخرف وضلال وإضلال، فعلى كل من يدعي الاجتهاد والمرجعية أن يطرح ما عنده من أدلة وبراهين على الساحة العلمية لكي يتمكن الآخرون من تقييمها ومقارنتها ومفاضلتها مع غيرها، ولا بد أولا أن يمتلك الشخص دليلا علميا، وأما مع عدم وجود الدليل العلمي فاعزلوه مهما كان،))، ففتحت الدورات تلو الدورات والتحقت بها مختلف شرائح المجتمع لينهلوا من معين الفكر والعلم وعقدت الدروس لتتناول مختلف العلوم، وفي خطوة لتفعيل وتحريك وتوظيف الطاقات والإمكانات الفكرية وتنميتها فتح الباب أمام الجميع ليطرحوا ما عندهم من أفكار ورؤى وحلول تخدم المجتمع ، ويكتبوا ، ويؤلفوا وهو يتكفل تكاليف الطباعة والنشر، ولم تُختزل حركة السيد الصرخي الحسني وحثه على العلم والتعلم في دائرة العلوم والمعارف الدينية ، بل امتدت عين الرعاية والتوجيه لتشمل الدراسة الأكاديمية وجعلها بابا من أبواب النصرة في مشروع أطلق عليه عنوان "النصرة الأكاديمية" ، موجها وملزما القواعد الشعبية إلى الدراسة والتفوق في العلوم الأكاديمية ابتداءا من مرحلة الابتدائية وصولا إلى أعلى المراحل من اجل تأسيس مجتمع واعي غزير بطاقات أبنائه لبناء حاضر ومستقبل مشرق، وتم قطف ثمار هذا المشروع وتوافد العديد من ذوي رسائل الماجيستير والدكتوراه إلى براني السيد الصرخي يهدون تفوقهم ورسائلهم إليه والتي هي من نتاج توجيهاته وإرشاداته ورعايته.
وما نشاهده اليوم من عقد دورات درس وتدريس في دوحة البراني وربوع محافظات عراقنا الحبيب له خير دليل وأوضح برهان على مدى اهتمام هذه المرجعية العلمية بالعلم والفكر والتعلم وضرورة تعبئة المجتمع بها فهي شريان حيوي يغذي الأمة ووسيلة للقضاء على الجهل الذي يعيش عليه الثالوث المشؤوم ( حكام وقادة وأئمة ضلال).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
حب المرجعية .. حكاية ترويها لنا عشائرنا الأصيلة