نصّ تقرير المحاضرة الأولى من بحث {السيستاني ما قبل المهدِ إلى ما بعد اللحد}
للمرجع الديني الأعلى سماحة السيد الصرخي الحسني
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي.
بسم الله الرحمن الرحيم
بِسْمِ اللهِ وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ وَاُفَوِّضُ اَمْري اِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصيرٌ بِالْعِبادِ فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا لا اِلـهَ إلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنينَ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ فَاْنَقَلَبُوا بِنِعْمَة مِنَ اللهِ وَفَضْل لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ، ما شاء اللهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ اِلاّ بِالله، ما شاءَ اللهُ لا ما شاءَ النّاسُ، ما شاءَ اللهُ وَاِنْ كَرِهَ النّاسُ، حَسْبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْمَرْبُوبينَ، حَسْبِيَ الْخالِقُ مِنَ الْمخْلُوقينَ، حَسْبِيَ الرّازِقُ مِنَ الْمَرْزُوقينَ، حَسْبِيَ اللهُ رَب الْعالَمينَ، حَسْبى مَنْ هُوَ حَسْبي، حَسْبي مَنْ لَمْ يَزَلْ حَسْبي، حَسْبي مَنْ كانَ مُذْ كُنْتُ لَمْ يَزَلْ حَسْبي، حَسْبِيَ اللهُ لااِلـهَ اِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ.
بعد التوكّل على العليّ القدير سبحانه وتعالى نشرع بالبحث ونعتذر إلى الله ورسوله عن التأخير في المواصلة، وسيكون الكلام في هذه المحاضرة في عدة مسائل:
المسألة الأولى:
سيكون لنا وقفة مع الفتن والأحداث المفزعة التي تجري في هذا الزمان، وسيكون محور الحديث عن مصاديق المعاني الواردة في رويات آخر الزمان في الملاحم والفتن والعلامات والأشراط، بل وسنبدأ بالبحث عن الموارد التاريخيّة والشرعيّة المحتملة الانطباق على ما يسمّى بالدولة أو تنظيم الدولة أو دولة الخلافة أو الدولة الإسلامية أو داعش.
المسألة الثانية:
تحدّثنا كثيرًا عن التدليس والمدلّسين وأساليبه وخطورته وتأثير ذلك في وقوع الفتن والأحداث الدمويّة بين المسلمين على طول التاريخ الإسلاميّ، وأشرنا أيضـًا إلى إمكان أن يقتطعوا أيّ مقطع صوتي ممّا أقوله أو أكتبه فيخرجوه عن سياقه ويدلّسوا فيه؛ ليتماشى مع مرامهم ومرادهم وأغراضهم وأهوائهم، فإنّه بالرغم من تطوّر وسائل التعليم والتحصيل العلميّ وتبادل الأفكار ووسائل الاتصال والإعلام التي سهّلت كثيرًا من الوصول للمعلومة، إلّا أنّ هذا ترافق مع تطوّر وسائل التدليس والتزييف والتزوير في المطبوعات والمسموعات والمرئيّات، ولأغراض عديدة ومن جهات متعدّدة.
وقع تدليس فاحش خبيث في قضية مهمة، تحدثنا فيها وبحثناها؛ من أجل تنوير العقول وتنوير النفوس على الانطباع بالمنهج القرآنيّ في المجادلة بالحسنى والأخلاق الحميدة واحترام الإنسان بما هو إنسان قد أكرمه الله تعالى بالعقل والدين والأخلاق وجعله خليفة في الأرض، فتحدّثنا عن بطلان القمع والدكتاتوريّة والسلطويّة الفكريّة التكفيريّة، فلا يصحّ تكفير الآخرين لمجرد الاختلاف معك في الفكر والمعتقد، فتدلّس عليه وتبهته وتفتري عليه وتكفّره وتبيح دمه وماله وعرضه.
لقد أبطلنا القول بتكفير الشيعة لوجود روايات تدلّ على انحراف الشيعة، كما أبطلنا القول بتكفير الصحابة والسنة لوجود روايات تدلّ على انحراف الصحابة، ومن الواضح أنّ نقاش مثل هذه المسألة يكون مترابطـًا ولا يصحّ اجتزاء واقتطاع بعضه عن البعض الآخر، فالروايات والتعليقات التي أتت في سياق النقاش وضمن البحث المتكامل ذي الموضوع الواحد يجب أن ننظر إليه بهذا المنظار؛ بمنظار السياق الواحد وبلحاظ وحدة الموضوع، فلا يصح أن نقتطع الروايات الذامّة للشيعة، فيقال أنّه يذم ويكفّر الشيعة ومذهبهم ورموزهم وأئمّتهم، كما لا يصح أن نقتطع من البحث الروايات الذامّة للصحابة ( أي بعض الصحابة) فيقال أنّه يذم ويكفر الصحابة والسنة ومذهبهم ورموزهم، كما لا يصح ولا يجوز أن نفتري ونكذب ونقوّل الشخص ما لم يقله، فنصبّ عليه كلّ غضبنا ونتهمه بشتّى الاتهامات لمجرد أنّه نقل آية قرآنيّة أو حديث أو رواية أو أثر أو حادثة معيّنة، فهل يُعقل أن نتهم ناقل حديث نبويّ فيه ذمّ ما، ونقول أنّه يذم الشيعة أو يذم السنة أو رموزهم مع العلم أنّ الشخص مجرد ناقل لحديث نبويّ أو قول لإمام أو صحابي يذمّ فيه الشيعة أو السنة أو بعض رموزه؟!!
نرجع إلى أصل المسألة التي بسببها نتحدّث الآن في هذا الموضوع ( ما هو البحث الذي بحثناه سابقـًا وحرّك الطائفيّين والمدلّسين والمنتفعين والمستأكلين) فنقول: كان الكلام عن الانتهازيّين الطائفيّين السنّة والشيعة، وعن التدليس عند المستأكلين الشيعة والتدليس عن المستأكلين السنّة، وبعد أن ذكرنا وأثبتنا وجود المدلّسين السنّة الكذّابين الانتهازيّين المنتفعين الطائفيّين وما وضعوه من آلاف الأحاديث المكذوبة، فهل يعني هذا أن أهل السنّة كلّهم كذّابون مدلّسون؟!! وأنّ كلّ رواياتهم مكذوبة موضوعة مرفوضة باعتبار اعتراف علمائهم من المحدّثين والرجاليّين والمؤرخين ومن الفقهاء أئمّة المذاهب عندهم، ومن إقرارهم بوجود آلاف بل مئات الآلاف من الأحاديث والروايات المدلّسة والمكذوبة، فهل يصح هذا؟!! بالتأكيد لا يصح تعميم الحكم بل إنّ مقتضى التدليس والتكذيب ووجود المدلّسين والكاذبين أنشأ عندنا ضرورة علم الرجال والدراية لتصنيف الرجال ومعرفة الثقة عن غيره، ثمّ تصنيف الأحاديث على أساسه، فلا يصحّ اتّهام السنّة والحكم عليهم بذلك كذلك لا يصحّ اتّهام شيعة أهل البيت عليهم السلام بذلك، بالرغم من وجود المدلّسين الشيعة الكذّابيين الانتهازيّين المنتفعين الطائفيّين المستأكلين وما وضعوه من آلاف الأحاديث المكذوبة، وذكرنا تطبيقـًا ومصداقـًا للتدليس والتزوير والكذب والأفك والافتراء والفحش وبذاءة اللسان وسوء الخلق الذي يمارسه أئمّة الضلالة ومطاياهم المنحرفون التكفيريّون من أهل السنّة أو ممّن ينتسب لأهل السنّة اتّجاه أتباع أهل البيت عليهم السلام، ونفس الكلام يُقال عن أئمّة الضلالة ومراجـِـع السوء والفحش والطائفيّة والتقتيل ومطاياهم من الشيعة أو ممّن ينتسب إلى الشيعة، فالجهال المدلّسون يتهمون الشيعة كلّ الشيعة بالكذب زاعمين أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) هو مَن وصف الشيعة بالكذّابين والمنافقين والأشرّ من اليهود والنصارى والمجوس والمشركين، ولم يكتفوا بذلك بل كشفوا عن انحرافهم الفكريّ والأخلاقيّ بطعنهم بالشرف والعرض وطهارة المولد وغيرها من سباب وفحش وأفك وبهتان، وفي المقابل يفعل جهّال الشيعة ومدلّسوهم نفس الأفعال الضالّة الفاحشة المقرونة بالكذب والانحراف الفكريّ والأخلاقيّ، فالأفّاكون المدلّسون ومنهم النواصب والخوارج يستدلّون على كذب الشيعة وبطلان كتبهم الحديثيّة والرجاليّة وبطلان مذهبهم واستحقاقهم السبّ الفاحش والأفك والإفتراء والبهتان بكلّ الأساليب القذرة المتسافلة؛ وذلك لأنّ أئمّتهم (عليهم السلام) وصفوهم بالكذّابين والمنافقين والأكذب من إبليس، وإبليس يحتاج إلى كذبهم وأنّ أئمّتهم (عليهم السلام) نفوا أن يكون لهم شيعة أصلًا، وممّا استدلّوا به ما ورد عن الأمام جعفر الصادق (عليهم السلام) حيث قال: (ما أنزل الله من آية في المنافقين إلّا وهي فيمن ينتحل التشيع). ( رجال الكشي)
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن ممّن ينتحل هذا الأمر ليكذب حتى إنّ الشيطان ليحتاج إلى كذبه).
وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (إنّ ممّن ينتحل مودّتنا أهل البيت مَن هو أشدّ فتنة على شيعتنا من الدجال.. ).
وقلنا إنّ هذا الاستدلال باطل جزمـًا لعدّة أمور ذكرناها ومنها: إنّ هذا الاستدلال يستلزم الطعن بالصحابة لوجود روايات صحيحة كثيرة تشير إلى ارتداد الصحابة على أدبارهم إلّا مثل همل النعم، وكما جاء في حديث الرسول (صلى الله عليه وىله وسلم)(1): (إِنَّهُمُ ارتَدُّوا بَعدَكَ عَلَى أَدبَارِهِمُ القَهقَرَى. فَلَا أُرَاهُ يَخلُصُ مِنهُم إِلّا مِثلُ هَمَلِ النَّعَمِ )(2) ومع هذا لا يصحّ التكفير ولا يجوز التكفير، ومن الواضح أنّ هذا الاستدلال المستلّزم للطعن بالصحابة باطل كبطلان ذلك الاستدلال لتعارضه مع الواقع ومع النصوص الشرعيّة التي تشير إلى منزلة وكرامة وتشريف الكثير من الصحابة رضي الله عنهم والكثير من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، قال القوي العزيز: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ***1754; وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ***1750; تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ***1754; ذَ***1648;لِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ***1754; وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى***1648; عَلَى***1648; سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)(3) الفتح 29.
ولقد بايع الصحابة وصدّقوا فرضي الله عنهم وأنزل سكينته عليهم وأثابهم فتحـًا قريبـًا، قال العلي العظيم: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا»سورة الفتح 18. ولسنا في مقام التفصيل في الكلام عن الجمع بين الموارد الشرعية لكن أشير لبعض الأمورمنها:
الأمر الأوّل: إنّ 1400 صحابي هم الذين بايعوا تحت الشجرة(4)، فيما تجاوز عدد الصحابة 120 ألف صحابي عند وفاة الرسول الكريم (عليه وعلى آله الصلاة والسلام)؛ أي: أنّ نسبتهم لا تتجاوز الواحد بالمائة إلّا بقليل(5).
وتتضح الصورة أكثر عندما نعلم أنّ حركة الردّة بمعناها العام شملت كلّ البلاد الإسلاميّة إلّا المدينة النبويّة الشريفة، والتي كان يكثر فيها المنافقون الذين ينطبق عليهم عنوان الإسلام وعنوان الصحبة العام، قال الله العلي القدير: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى***1648; عَذَابٍ عَظِيمٍ)(6)التوبة 101.
وعليه يمكن الجمع بسهولة ووضوح بين الموارد الشرعيّة المشيرة إلى الارتداد وبقاء مثل همل النعم وبين الموارد المشيرة إلى رضوان الله تعالى عن الصحابة والموارد الشرعيّة التي تشير إلى وعد الله بالمغفرة والأجر العظيم للصحابة المقرونة صحبتهم بالايمان الصالح كما قال الله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمـًا) ونؤكد ونكرر على عدم جواز سلوك منهج المدلّسين المنافقين من السنّة والشيعة، بل نسلك طريق ومنهج الرسول الأمين وآله الأخيار الطاهرين وأصحابة المكرّمين (عليهم الصلاة والتسليم) في المجادلة بالحسنى والمعروف والعقل والإنصاف والأخلاق الرساليّة الإلهيّة؛ بحيث لا نتعدّى الجدال العلميّ والفكريّ العقديّ القلبيّ، علينا أن نعمل بكلّ جدّ وجهد لإصلاح أنفسنا ومجتمعنا ونصرة ديننا ورسالتنا السماويّة الأخلاقيّة السمحة، فلنتعلّم ونعلّم الآخرين أنّه كلّ إنسان حسب مستواه الفكريّ والعقليّ والنفسيّ والاجتماعيّ وحسب ما وصله ويصله من دليل، والمهم أن تجمعنا كلمة التوحيد التي تُحقن بها الدماء وتُحفظ بها النفوس والأموال والأعراض، فبالإسلام يكون كلّ المسلم على المسلم حرام ؛ دمه وعرضه وماله، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا" وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، "بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ. صحيح مسلم(7).
أمّا الآثار الأخرى فحكمها عند الله الحكم العدل العزيز الحكيم، وهو المطّلع على خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، قال الله تعالى: " لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ. وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ. يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
صحيح مسلم: قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلّا الله، فإذا قالوها، عَصَموا مني بها دماءَهم وأموالهم إلّا بحقّها وحسابهم على الله ثمّ قرأ: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ).
أيّها التكفيريّ، أيّها الداعشيّ، أيّها المليشياويّ هذا هو منهج النبيّ والقرآن "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ".
ت133: عن أبي هريرة قال: لما تُوفي رسول الله واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله: (أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلّا الله، فمن قال لا إله إلّا الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلّا بحقه, وحسابه على الله تعالى).
فالخليفة الثاني احتجّ على الخليفة أبي بكر في قتال بعض المرتدّين في قضيّة عدم دفع الزكاة(8)، وسيكون لنا عودة مع بعض التفصيل في معنى الصحبة وتطبيقاتها وبعض مواقف الصحابة وتحليلها بما يوافق النظرة العقليّة الواقعيّة التي نعتقدها وندعو إلى فهمها وتفعيلهاوتفسير الواقع على أساسها والله ولي التوفيق.
المسألة الثالثة في بحث المختار: كان لنا وقفات وانتهينا من الوقفة الأولى ودخلنا في الوقفة الثانية والتي كانت تحت عنوان: وقفات مع ابن نما الحليّ، وكان الكلام في عدّة عناوين منها ذوب النضار في شرح الثأر ونصّ رسالة ابن نما وأدلّة ابن نما على صلاح المختار وصحة معتقده وأخلاقه وسلوكه وأفعاله، رواية فاحشة وساقطة سندًا، الخوئيّ والسيستانيّ يستدلان، فرحة الغري وعبد الكريم بن طاووس، أبو الخطّاب والخطّابيّة والسبئيّة دجّالة سفيانيّة، وقد أشرنا إلى أنّ ذكر الدجّال والسفيانيّ جاء وفق ما ورد في أحاديث رسول الله وما ورد في الآثار من ذكر عنوان السفيانيّ والدجّال كمحاور شرّ في مقابل محاور الخير والصلاح المتمثّلة بعناوين المهدي والمسيح عليهما السلام وكان الكلام في عدّة عناوين منها: مثله كمثل الكلب، دجّالهم الأكبر، التدرّج في الضلال والإضلال،الحقّ رجل والباطل رجل فافعل ما شئت، صادقون كذّاب يكذب علينا، الأكذب من الشيطان، انتهازيّون طائفيّون سنّة وشيعة، التدليس عند المستأكلين الشيعة، التدليس عند المستأكلين السنّة، آيات النفاق في منافقي التشيع، يبدأ بكذّابي الشيعة، احذر المتكون، المذهب شيطان فاحذره، المكاشفة والتحالف مع ابليس،
ابن سبأ وأبو الخطّاب ومرجعيّة الشيطان
اتضح ممّا سبق أنّ مراجـِـع الغلو والفحش والفساد تقلّد وتقتدي بمرجـِـعها الأعلى إبليس الرجيم، فترتبط به وتراه وتتكاشف معه وتأخذ وتتعلّم منه وتحتمي به، فهم في مكاشفة وتحالف دائم معه، فمن إبليس أخذوا فكرة وبدعة الغلو واللّعن والطعن والسبّ الفاحش وهتك أعراض الصحابة وأمهات المؤمنين والنبيّ الأمين وآل البيت عليهم الصلاة والتسليم، ومن إبليس أخذوا أوامر محاربة الله ورسوله وأوليائه الصالحين والكذب عليهم وتعطيل أحكام الله تعالى، فابطلوا الواجبات وأباحوا كلّ المحرمات والمنكرات.
كما في اختيار معرفة الرجال للطوسي، رجال الكشي وفي معجم الخوئيّ ج15: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنّا أهل بيت صدّيقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس، كان رسول الله أصدق الناس لهجة وأصدق البرية وكان مسيلمة يكذب علينا، وكان أمير المؤمنين عليه السلام أصدق من برأ الله بعد رسول الله وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه ويفتري على الله الكذب عبد الله بن سبأ(9).
هل المختار كذّاب أشر؟
استفهامات كثيرة جدًا وجوهريّة تكشف الواقع وتصيب كبد الحقيقة وتبتني عليه البحوث وتقييم وتشخيص وتحديد المواقف، هل بدأ المختار حياته مع السحرة والكهنة فأخذ من سحرة المجوس واليهود فصار كذّابـًا ساحرًا كاهنـًا؟ وهل عاش المختار انتهازيـًا متقلّبـًا منافقـًا غادرًا، فلم يكن محبّـًا مواليـًّا لأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام؟ وهل أنّه غدر بالإمام الحسن وأراد ربطه بالحبال وتسليمه إلى معاوية، فهاجت عليه الشيعة وأرادوا قتله؟ وهل أنّه تخلّى عن مسلم بن عقيل وغدر به؟ وهل أنّ المختار ذهب ابتداءً ومن ذاته وبنفسه إلى ابن زياد من أجل مبايعته ومبايعة يزيد وقد أنكر تأييده ومبايعته لابن عقيل؟ وهل أنّه ترك قتلة الحسين أحرارًا دون أيّة مساءلة ولا حساب ولا عقاب لما يقارب عام من الزمان، حتى تآمروا عليه وأرادوا قلب نظام حكمه وحينئذ فقط وفقط رفع شعار يالثارات الحسين وأخذ الثأر؟(10)
فهل أنّ المختار حاله حال سياسيّي الشيعة الفاسدين السراق المخرّبين الإرهابيّين؟ هل ترك الفاسدين وجعل عنده الأدلة والبراهين والافتراءات والاتهامات عليهم يهددهم بها متى شاء عندما يحتاج التهديد؟ وهل أنّ المختار لم ينقل ولا رواية واحدة عن النبيّ الكريم وأخيه أمير المؤمنين والحسن والحسين والسجاد لا بالنقل المباشر ولا بالواسطة، فأين روايات المختار عن أئمّة الهدى وجدهم الهادي الأمين عليهم الصلاة والتسليم؟!! وهل أنّ المختار صار مرتدًّا مدعيّـًا الإمامة فالنبوّة وربما الألوهيّة، فضلّ بسببه أقوام وسُفكت أنهار من الدماء؟ ولماذا لم يوثّق أيّ شخص من أئمّة الجرح والتعديل وأهل الرجال المختار، لا من السنّة ولا من الشيعة؟!!
ونحاول الإجابة على الاستفهامات الكثيرة خلال البحث إن شاء الله تعالى بالرغم من تفريعات البحث وتشعباته والمعرقلات التي تعرّض ويتعرّض لها ولكن نأمل أن يوفقنا الله لإتمام ما بدأناه.
المسألة الرابعة: كنا قد واعدناكم منذ فترة ليست بالقصيرة ببحث( السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللّحد) وبعد الاعتذار إلى الله ورسوله الكريم والاعتذار إليكم فإنّي وبتسديد الله تعالى وعونه وتوفيقه، أفي بوعدي لكم ومن الله التوفيق.
المحاضرة الأولى
السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللّحد
قال الله مولانا العزيز: بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابـًا أَلِيمـًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءمِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعـًا (139). النساء
{الذين يتخذون الأميركان وقوات الاحتلال والتي يسمّيها السيستانيّ، قوات التحالف، وقوات التآلف، والقوات الصديقة، ويتخذون الدول الشرقيّة والغربيّة المعادية للعراق والشعب العراقي أولياء، سبحان الله ما هو مقدار الخسّة والرذالة والانحطاط والتسافل الذي وصلتم إليه؟!! الآن تندمون على مواقفكم المخزية بعد أن انكشف كلّ الزيف والضلال والبطلان، فقد وقعت كلّ العمائم الفاسدة في الخزي وكلّ المراجع الفارغة الجاهلة الفاسدة التي أيدت المحتلّين وأيدت الفاسدين، وهذا النصّ القرآني لوحده يثبت عندك بطلان مرجعيّة السيستانيّ وبطلان المراجـِـع الذين يقفون مع السيستانيّ والذين يؤيدون السيستانيّ، وأبسط إنسان عندما يقرأ القرآن يجد أنّ هذه الآية تنطبق نصّـًا وحرفـًا على السيستانيّ ومواقفه من المحتلّين، حيث اتخذوا المحتلّين أولياء من دون المؤمنين، هل توجد مخالفة لنصّ صريح واضح أوضح من هذه الكيفيّة؟!!
عن الإمام الصادق، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قرأت في كتاب أبي: الأئمّة في كتاب الله إمامان: إمام هدى وإمام ضلال، فأمّا أئمّة الهدى فيقدّمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم! وأمّا أئمّة الضلال فإنّهم يقدّمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله اتباعـًا لأهوائهم وخلافـًا لما في مرضاة الله.
نعم يا سيدي ويا مولاي، لقد قدّموا أمرهم، وقدّموا منافعهم وقدّموا الأموال والرشا التي أخذوها، وقدّموا حساباتهم في المصارف البنكية في الشرق والغرب، قدّموا أرحامهم وأزواج بناتهم وأبناءهم، وقدّموا الفاسدين ممّن يسرق الأموال ويعطيهم منها.
الخزينة العراقيّة التي سُرقت والتي تتحدّثون عنها وعن الأموال التي ذهبت، أكثر من تسعين بالمائة من هذه الأموال ذهبت في كروش وبطون وبنوك وحسابات هذه العمائم العفنة المنحرفة؛ لذلك سكتوا ويسكتون عن الفاسدين، ولا يوجد حلّ للعراق إلّا بكشف هذه العمائم الفاسدة السارقة حتّى لا يُرجع ويُتّكأ ويُعتمد عليها، ويُغرر بالناس بهذه العمائم الفاسدة.
هوامش المحاضرة
__________________________________________________ _________________________________________
(1)إذن ماذا أفعل هنا؟ أنا فقط أتيت بحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كمورد وكشاهد للردّ على مبدأ ومنهج التكفير، أريد أن أقول: كما لا يصح التكفير هنا مع وجود هذه الروايات لا يصحّ التكفير هناك مع وجود تلك الروايات، هذا هو الكلام. أمّا مَن يريد أن يدلّس ويقتطع الكلام هذا شأنه، فلست أنا من يطعن وإنّما الاستدلال بهذه الروايات يستلزم الطعن.
(2)هل أنا قلت هذا الكلام؟ أم هذا حديث في مسلم والبخاري، حديث صحيح عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وأنا لم أأتي به هنا للطعن وإنّما أتيت به للاحتجاج به على الطاعنين والطعّانين والتكفيريّين.
(3)الآيات المباركة تتحدّث عن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن إيمانهم وصلاتهم وسجودهم وقتالهم وجهادهم، وخُتم الكلام الإلهي بأنّ كلّ مواصفات الإيمان لا بدّ أن تكون مقرونة بالثبات وبالعمل الصالح.
(4)والخليفة الأول والخليفة الثاني رغمـًا على أنوف الجميع ورغمـًا على أنوف الحاقدين كانا ممّن بايعا تحت الشجرة، والخليفة الثالث عثمان كان معذورًا في عدم تواجده وقت البيعة فلم يبايع واقعـًا وفعلًا، لأنّه قد أرسل من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مهمة؛ أرسله إلى مكة للتفاوض، ورغمـًا على أنوف الحاقدين والتكفيرين والنواصب والخوراج فإنّ معاوية لم يكن ضمن الذين بايعوا، فلم يكن قد دخل الإسلام. علينا أن نميّز بين طبقة وطبقة، بين صحابة وصحابة، بين مواقف صحابة ومواقف آخرين.
(5)فاذا كانت النسبة ( 1%) فهل يمكن أن نجمع بين روايات ارتدوا ولم يبقَ إلّا همل النعم وبين الروايات والموارد الشرعيّة القرآنيّة التي تشير إلى منزلة وكرامة وإيمان وصدق ومصداقيّة وصلاح الصحابة؟!! إذن المسألة صارت واضحة أنا فقط أريد أن أشير إلى قواعد وضابطة للاستدلال لكي يستفيد منها المطّلع والقاريء والسامع والباحث.
(6)إذن هؤلاء الأعراب في داخل المدينة ومن أهل المدينة وممّن يحيط بالمدينة وفي خارج المدينة هل هؤلاء ممّن بايع تحت الشجرة؟ هل هؤلاء ينطبق عليهم عنوان الصحبة مع الإقتران بالإيمان والصلاح والجهاد والأخلاص والصدق؟!! بالتأكيد لا يوجد أحد يقول بهذا، إذن المدينة بقيت مع استثناء هؤلاء المنافقين، لاحظ ليس فقط عنوان الصحبة وعنوان الاسلام ينطبق عليهم، بل ينطبق على هؤلاء المنافقين عنوان الإيمان كما في قوله تعالى ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما ) إحدى الطائفتين هي طائفة المنافقين وقادة المنافقين وشيوخ المنافقين، اقرأوا كتب التفسير وستعرفون، ونحن قلنا لنا عودة مع هذه المسألة وبتفصيلات لا بأس بها إن شاء الله.
(7)أنت عليك بالظاهر لا تأتي وتتحدّث عمّا في داخل الإنسان، وعما في قلبه وفكره وتحاسب وتعاقب الإنسان وتكفّره وتقتله وتبيح دمع وعرضه على ما في قلب الإنسان، هذا المنهج وهذا التكفير وهذا القتل والتقتيل هذا هو السلوك اليومي الآن الذي يحصل في العراقوالشام، حتّى لو أقسمت وحتّى لو أتيت بمائة بيّنة وألف بيّنة على خلاف ما يتهمك المقابل فإنّه يركبه العناد والتعصّب فينفذّ ما يعتقد به ويسفك الدماء ويهتك الأعراض!!!
(8)وهذا كموضع شاهد نسلكه تجاه الآخرين ومن رفع قول لا إله إلّا الله: فهنا نتوّقف عن الدماء والأموال والأعراض، أمّا تكون المسألة كيفيّة وكلّ شخص يتحدّث عن دولة الخلافة وعن الصحابة وبأيهم اقتديت اهتديت، فهنالك أفعال متناقضة متعارضة متخالفة قام بها الصحابة فهل تكون المسألة كيفيّة؟ هل آخذ بقول وفعل الخليفة الأوّل أم بقول وفعل الخليفة الثاني؟ وهل بقول وفعل هذا الصحابي أو بذاك الصحابي؟ مع إنّ الأفعال كثيرة وتأتي وتنسحب على التابعين وتابعي التابعين، وتنسحب على الخلفاء السلاطين المتسلّطين ما بعد الخلافة، صارت القضيّة سلطوية تسلّطية ويُصحح فعل الحاكم ويعتبر حجّة ويتخذه التكفيري أو المليشياوي قدوة لإجرامه!!!
(9)هذا ما يحصل الآن، بسبب المليشياويّين والمتسلّطين والحكام المتشيّعين، الذن يدّعون أنّهم ينتمون إلى مذهب التشيّع ويستغلّون اِسم التشيّع للفساد والإفساد والسرقة والتسلّط ويثيرون الطائفيّة من أجل البقاء، فبسببهم جعلوا الكثير من الجهال يتحدّثون عن أئمّة أهل البيت بسوء وسبّ وطعن وكلمات لا أخلاقيّة.
(10)فإن صحّ هذا الاستفهام وثبت واقعـًا فتذكّروا ما حصل في هذه الأيام، نفس الأسلوب، نفس المنهج، الآن أتوا بقانون اجتثاث البعث، وقانون 4 إرهاب، ولمّا استلموا السلطة والحكم أوقفوا كلّ شيء، ولمّا يأتي وقت الانتخابات تفعّل هذه القوانين.
---------------------
تقرير: سليم الخليفاوي
حسين الخليفاوي
للمرجع الديني الأعلى سماحة السيد الصرخي الحسني
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي.
بسم الله الرحمن الرحيم
بِسْمِ اللهِ وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ وَاُفَوِّضُ اَمْري اِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصيرٌ بِالْعِبادِ فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا لا اِلـهَ إلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ اِنّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنينَ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ فَاْنَقَلَبُوا بِنِعْمَة مِنَ اللهِ وَفَضْل لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ، ما شاء اللهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ اِلاّ بِالله، ما شاءَ اللهُ لا ما شاءَ النّاسُ، ما شاءَ اللهُ وَاِنْ كَرِهَ النّاسُ، حَسْبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْمَرْبُوبينَ، حَسْبِيَ الْخالِقُ مِنَ الْمخْلُوقينَ، حَسْبِيَ الرّازِقُ مِنَ الْمَرْزُوقينَ، حَسْبِيَ اللهُ رَب الْعالَمينَ، حَسْبى مَنْ هُوَ حَسْبي، حَسْبي مَنْ لَمْ يَزَلْ حَسْبي، حَسْبي مَنْ كانَ مُذْ كُنْتُ لَمْ يَزَلْ حَسْبي، حَسْبِيَ اللهُ لااِلـهَ اِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ.
بعد التوكّل على العليّ القدير سبحانه وتعالى نشرع بالبحث ونعتذر إلى الله ورسوله عن التأخير في المواصلة، وسيكون الكلام في هذه المحاضرة في عدة مسائل:
المسألة الأولى:
سيكون لنا وقفة مع الفتن والأحداث المفزعة التي تجري في هذا الزمان، وسيكون محور الحديث عن مصاديق المعاني الواردة في رويات آخر الزمان في الملاحم والفتن والعلامات والأشراط، بل وسنبدأ بالبحث عن الموارد التاريخيّة والشرعيّة المحتملة الانطباق على ما يسمّى بالدولة أو تنظيم الدولة أو دولة الخلافة أو الدولة الإسلامية أو داعش.
المسألة الثانية:
تحدّثنا كثيرًا عن التدليس والمدلّسين وأساليبه وخطورته وتأثير ذلك في وقوع الفتن والأحداث الدمويّة بين المسلمين على طول التاريخ الإسلاميّ، وأشرنا أيضـًا إلى إمكان أن يقتطعوا أيّ مقطع صوتي ممّا أقوله أو أكتبه فيخرجوه عن سياقه ويدلّسوا فيه؛ ليتماشى مع مرامهم ومرادهم وأغراضهم وأهوائهم، فإنّه بالرغم من تطوّر وسائل التعليم والتحصيل العلميّ وتبادل الأفكار ووسائل الاتصال والإعلام التي سهّلت كثيرًا من الوصول للمعلومة، إلّا أنّ هذا ترافق مع تطوّر وسائل التدليس والتزييف والتزوير في المطبوعات والمسموعات والمرئيّات، ولأغراض عديدة ومن جهات متعدّدة.
وقع تدليس فاحش خبيث في قضية مهمة، تحدثنا فيها وبحثناها؛ من أجل تنوير العقول وتنوير النفوس على الانطباع بالمنهج القرآنيّ في المجادلة بالحسنى والأخلاق الحميدة واحترام الإنسان بما هو إنسان قد أكرمه الله تعالى بالعقل والدين والأخلاق وجعله خليفة في الأرض، فتحدّثنا عن بطلان القمع والدكتاتوريّة والسلطويّة الفكريّة التكفيريّة، فلا يصحّ تكفير الآخرين لمجرد الاختلاف معك في الفكر والمعتقد، فتدلّس عليه وتبهته وتفتري عليه وتكفّره وتبيح دمه وماله وعرضه.
لقد أبطلنا القول بتكفير الشيعة لوجود روايات تدلّ على انحراف الشيعة، كما أبطلنا القول بتكفير الصحابة والسنة لوجود روايات تدلّ على انحراف الصحابة، ومن الواضح أنّ نقاش مثل هذه المسألة يكون مترابطـًا ولا يصحّ اجتزاء واقتطاع بعضه عن البعض الآخر، فالروايات والتعليقات التي أتت في سياق النقاش وضمن البحث المتكامل ذي الموضوع الواحد يجب أن ننظر إليه بهذا المنظار؛ بمنظار السياق الواحد وبلحاظ وحدة الموضوع، فلا يصح أن نقتطع الروايات الذامّة للشيعة، فيقال أنّه يذم ويكفّر الشيعة ومذهبهم ورموزهم وأئمّتهم، كما لا يصح أن نقتطع من البحث الروايات الذامّة للصحابة ( أي بعض الصحابة) فيقال أنّه يذم ويكفر الصحابة والسنة ومذهبهم ورموزهم، كما لا يصح ولا يجوز أن نفتري ونكذب ونقوّل الشخص ما لم يقله، فنصبّ عليه كلّ غضبنا ونتهمه بشتّى الاتهامات لمجرد أنّه نقل آية قرآنيّة أو حديث أو رواية أو أثر أو حادثة معيّنة، فهل يُعقل أن نتهم ناقل حديث نبويّ فيه ذمّ ما، ونقول أنّه يذم الشيعة أو يذم السنة أو رموزهم مع العلم أنّ الشخص مجرد ناقل لحديث نبويّ أو قول لإمام أو صحابي يذمّ فيه الشيعة أو السنة أو بعض رموزه؟!!
نرجع إلى أصل المسألة التي بسببها نتحدّث الآن في هذا الموضوع ( ما هو البحث الذي بحثناه سابقـًا وحرّك الطائفيّين والمدلّسين والمنتفعين والمستأكلين) فنقول: كان الكلام عن الانتهازيّين الطائفيّين السنّة والشيعة، وعن التدليس عند المستأكلين الشيعة والتدليس عن المستأكلين السنّة، وبعد أن ذكرنا وأثبتنا وجود المدلّسين السنّة الكذّابين الانتهازيّين المنتفعين الطائفيّين وما وضعوه من آلاف الأحاديث المكذوبة، فهل يعني هذا أن أهل السنّة كلّهم كذّابون مدلّسون؟!! وأنّ كلّ رواياتهم مكذوبة موضوعة مرفوضة باعتبار اعتراف علمائهم من المحدّثين والرجاليّين والمؤرخين ومن الفقهاء أئمّة المذاهب عندهم، ومن إقرارهم بوجود آلاف بل مئات الآلاف من الأحاديث والروايات المدلّسة والمكذوبة، فهل يصح هذا؟!! بالتأكيد لا يصح تعميم الحكم بل إنّ مقتضى التدليس والتكذيب ووجود المدلّسين والكاذبين أنشأ عندنا ضرورة علم الرجال والدراية لتصنيف الرجال ومعرفة الثقة عن غيره، ثمّ تصنيف الأحاديث على أساسه، فلا يصحّ اتّهام السنّة والحكم عليهم بذلك كذلك لا يصحّ اتّهام شيعة أهل البيت عليهم السلام بذلك، بالرغم من وجود المدلّسين الشيعة الكذّابيين الانتهازيّين المنتفعين الطائفيّين المستأكلين وما وضعوه من آلاف الأحاديث المكذوبة، وذكرنا تطبيقـًا ومصداقـًا للتدليس والتزوير والكذب والأفك والافتراء والفحش وبذاءة اللسان وسوء الخلق الذي يمارسه أئمّة الضلالة ومطاياهم المنحرفون التكفيريّون من أهل السنّة أو ممّن ينتسب لأهل السنّة اتّجاه أتباع أهل البيت عليهم السلام، ونفس الكلام يُقال عن أئمّة الضلالة ومراجـِـع السوء والفحش والطائفيّة والتقتيل ومطاياهم من الشيعة أو ممّن ينتسب إلى الشيعة، فالجهال المدلّسون يتهمون الشيعة كلّ الشيعة بالكذب زاعمين أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) هو مَن وصف الشيعة بالكذّابين والمنافقين والأشرّ من اليهود والنصارى والمجوس والمشركين، ولم يكتفوا بذلك بل كشفوا عن انحرافهم الفكريّ والأخلاقيّ بطعنهم بالشرف والعرض وطهارة المولد وغيرها من سباب وفحش وأفك وبهتان، وفي المقابل يفعل جهّال الشيعة ومدلّسوهم نفس الأفعال الضالّة الفاحشة المقرونة بالكذب والانحراف الفكريّ والأخلاقيّ، فالأفّاكون المدلّسون ومنهم النواصب والخوارج يستدلّون على كذب الشيعة وبطلان كتبهم الحديثيّة والرجاليّة وبطلان مذهبهم واستحقاقهم السبّ الفاحش والأفك والإفتراء والبهتان بكلّ الأساليب القذرة المتسافلة؛ وذلك لأنّ أئمّتهم (عليهم السلام) وصفوهم بالكذّابين والمنافقين والأكذب من إبليس، وإبليس يحتاج إلى كذبهم وأنّ أئمّتهم (عليهم السلام) نفوا أن يكون لهم شيعة أصلًا، وممّا استدلّوا به ما ورد عن الأمام جعفر الصادق (عليهم السلام) حيث قال: (ما أنزل الله من آية في المنافقين إلّا وهي فيمن ينتحل التشيع). ( رجال الكشي)
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن ممّن ينتحل هذا الأمر ليكذب حتى إنّ الشيطان ليحتاج إلى كذبه).
وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (إنّ ممّن ينتحل مودّتنا أهل البيت مَن هو أشدّ فتنة على شيعتنا من الدجال.. ).
وقلنا إنّ هذا الاستدلال باطل جزمـًا لعدّة أمور ذكرناها ومنها: إنّ هذا الاستدلال يستلزم الطعن بالصحابة لوجود روايات صحيحة كثيرة تشير إلى ارتداد الصحابة على أدبارهم إلّا مثل همل النعم، وكما جاء في حديث الرسول (صلى الله عليه وىله وسلم)(1): (إِنَّهُمُ ارتَدُّوا بَعدَكَ عَلَى أَدبَارِهِمُ القَهقَرَى. فَلَا أُرَاهُ يَخلُصُ مِنهُم إِلّا مِثلُ هَمَلِ النَّعَمِ )(2) ومع هذا لا يصحّ التكفير ولا يجوز التكفير، ومن الواضح أنّ هذا الاستدلال المستلّزم للطعن بالصحابة باطل كبطلان ذلك الاستدلال لتعارضه مع الواقع ومع النصوص الشرعيّة التي تشير إلى منزلة وكرامة وتشريف الكثير من الصحابة رضي الله عنهم والكثير من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، قال القوي العزيز: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ***1754; وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ***1750; تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ***1754; ذَ***1648;لِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ***1754; وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى***1648; عَلَى***1648; سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)(3) الفتح 29.
ولقد بايع الصحابة وصدّقوا فرضي الله عنهم وأنزل سكينته عليهم وأثابهم فتحـًا قريبـًا، قال العلي العظيم: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا»سورة الفتح 18. ولسنا في مقام التفصيل في الكلام عن الجمع بين الموارد الشرعية لكن أشير لبعض الأمورمنها:
الأمر الأوّل: إنّ 1400 صحابي هم الذين بايعوا تحت الشجرة(4)، فيما تجاوز عدد الصحابة 120 ألف صحابي عند وفاة الرسول الكريم (عليه وعلى آله الصلاة والسلام)؛ أي: أنّ نسبتهم لا تتجاوز الواحد بالمائة إلّا بقليل(5).
وتتضح الصورة أكثر عندما نعلم أنّ حركة الردّة بمعناها العام شملت كلّ البلاد الإسلاميّة إلّا المدينة النبويّة الشريفة، والتي كان يكثر فيها المنافقون الذين ينطبق عليهم عنوان الإسلام وعنوان الصحبة العام، قال الله العلي القدير: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى***1648; عَذَابٍ عَظِيمٍ)(6)التوبة 101.
وعليه يمكن الجمع بسهولة ووضوح بين الموارد الشرعيّة المشيرة إلى الارتداد وبقاء مثل همل النعم وبين الموارد المشيرة إلى رضوان الله تعالى عن الصحابة والموارد الشرعيّة التي تشير إلى وعد الله بالمغفرة والأجر العظيم للصحابة المقرونة صحبتهم بالايمان الصالح كما قال الله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمـًا) ونؤكد ونكرر على عدم جواز سلوك منهج المدلّسين المنافقين من السنّة والشيعة، بل نسلك طريق ومنهج الرسول الأمين وآله الأخيار الطاهرين وأصحابة المكرّمين (عليهم الصلاة والتسليم) في المجادلة بالحسنى والمعروف والعقل والإنصاف والأخلاق الرساليّة الإلهيّة؛ بحيث لا نتعدّى الجدال العلميّ والفكريّ العقديّ القلبيّ، علينا أن نعمل بكلّ جدّ وجهد لإصلاح أنفسنا ومجتمعنا ونصرة ديننا ورسالتنا السماويّة الأخلاقيّة السمحة، فلنتعلّم ونعلّم الآخرين أنّه كلّ إنسان حسب مستواه الفكريّ والعقليّ والنفسيّ والاجتماعيّ وحسب ما وصله ويصله من دليل، والمهم أن تجمعنا كلمة التوحيد التي تُحقن بها الدماء وتُحفظ بها النفوس والأموال والأعراض، فبالإسلام يكون كلّ المسلم على المسلم حرام ؛ دمه وعرضه وماله، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا" وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، "بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ. صحيح مسلم(7).
أمّا الآثار الأخرى فحكمها عند الله الحكم العدل العزيز الحكيم، وهو المطّلع على خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، قال الله تعالى: " لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ. وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ. يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
صحيح مسلم: قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلّا الله، فإذا قالوها، عَصَموا مني بها دماءَهم وأموالهم إلّا بحقّها وحسابهم على الله ثمّ قرأ: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ).
أيّها التكفيريّ، أيّها الداعشيّ، أيّها المليشياويّ هذا هو منهج النبيّ والقرآن "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ".
ت133: عن أبي هريرة قال: لما تُوفي رسول الله واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله: (أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلّا الله، فمن قال لا إله إلّا الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلّا بحقه, وحسابه على الله تعالى).
فالخليفة الثاني احتجّ على الخليفة أبي بكر في قتال بعض المرتدّين في قضيّة عدم دفع الزكاة(8)، وسيكون لنا عودة مع بعض التفصيل في معنى الصحبة وتطبيقاتها وبعض مواقف الصحابة وتحليلها بما يوافق النظرة العقليّة الواقعيّة التي نعتقدها وندعو إلى فهمها وتفعيلهاوتفسير الواقع على أساسها والله ولي التوفيق.
المسألة الثالثة في بحث المختار: كان لنا وقفات وانتهينا من الوقفة الأولى ودخلنا في الوقفة الثانية والتي كانت تحت عنوان: وقفات مع ابن نما الحليّ، وكان الكلام في عدّة عناوين منها ذوب النضار في شرح الثأر ونصّ رسالة ابن نما وأدلّة ابن نما على صلاح المختار وصحة معتقده وأخلاقه وسلوكه وأفعاله، رواية فاحشة وساقطة سندًا، الخوئيّ والسيستانيّ يستدلان، فرحة الغري وعبد الكريم بن طاووس، أبو الخطّاب والخطّابيّة والسبئيّة دجّالة سفيانيّة، وقد أشرنا إلى أنّ ذكر الدجّال والسفيانيّ جاء وفق ما ورد في أحاديث رسول الله وما ورد في الآثار من ذكر عنوان السفيانيّ والدجّال كمحاور شرّ في مقابل محاور الخير والصلاح المتمثّلة بعناوين المهدي والمسيح عليهما السلام وكان الكلام في عدّة عناوين منها: مثله كمثل الكلب، دجّالهم الأكبر، التدرّج في الضلال والإضلال،الحقّ رجل والباطل رجل فافعل ما شئت، صادقون كذّاب يكذب علينا، الأكذب من الشيطان، انتهازيّون طائفيّون سنّة وشيعة، التدليس عند المستأكلين الشيعة، التدليس عند المستأكلين السنّة، آيات النفاق في منافقي التشيع، يبدأ بكذّابي الشيعة، احذر المتكون، المذهب شيطان فاحذره، المكاشفة والتحالف مع ابليس،
ابن سبأ وأبو الخطّاب ومرجعيّة الشيطان
اتضح ممّا سبق أنّ مراجـِـع الغلو والفحش والفساد تقلّد وتقتدي بمرجـِـعها الأعلى إبليس الرجيم، فترتبط به وتراه وتتكاشف معه وتأخذ وتتعلّم منه وتحتمي به، فهم في مكاشفة وتحالف دائم معه، فمن إبليس أخذوا فكرة وبدعة الغلو واللّعن والطعن والسبّ الفاحش وهتك أعراض الصحابة وأمهات المؤمنين والنبيّ الأمين وآل البيت عليهم الصلاة والتسليم، ومن إبليس أخذوا أوامر محاربة الله ورسوله وأوليائه الصالحين والكذب عليهم وتعطيل أحكام الله تعالى، فابطلوا الواجبات وأباحوا كلّ المحرمات والمنكرات.
كما في اختيار معرفة الرجال للطوسي، رجال الكشي وفي معجم الخوئيّ ج15: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنّا أهل بيت صدّيقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس، كان رسول الله أصدق الناس لهجة وأصدق البرية وكان مسيلمة يكذب علينا، وكان أمير المؤمنين عليه السلام أصدق من برأ الله بعد رسول الله وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه ويفتري على الله الكذب عبد الله بن سبأ(9).
هل المختار كذّاب أشر؟
استفهامات كثيرة جدًا وجوهريّة تكشف الواقع وتصيب كبد الحقيقة وتبتني عليه البحوث وتقييم وتشخيص وتحديد المواقف، هل بدأ المختار حياته مع السحرة والكهنة فأخذ من سحرة المجوس واليهود فصار كذّابـًا ساحرًا كاهنـًا؟ وهل عاش المختار انتهازيـًا متقلّبـًا منافقـًا غادرًا، فلم يكن محبّـًا مواليـًّا لأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام؟ وهل أنّه غدر بالإمام الحسن وأراد ربطه بالحبال وتسليمه إلى معاوية، فهاجت عليه الشيعة وأرادوا قتله؟ وهل أنّه تخلّى عن مسلم بن عقيل وغدر به؟ وهل أنّ المختار ذهب ابتداءً ومن ذاته وبنفسه إلى ابن زياد من أجل مبايعته ومبايعة يزيد وقد أنكر تأييده ومبايعته لابن عقيل؟ وهل أنّه ترك قتلة الحسين أحرارًا دون أيّة مساءلة ولا حساب ولا عقاب لما يقارب عام من الزمان، حتى تآمروا عليه وأرادوا قلب نظام حكمه وحينئذ فقط وفقط رفع شعار يالثارات الحسين وأخذ الثأر؟(10)
فهل أنّ المختار حاله حال سياسيّي الشيعة الفاسدين السراق المخرّبين الإرهابيّين؟ هل ترك الفاسدين وجعل عنده الأدلة والبراهين والافتراءات والاتهامات عليهم يهددهم بها متى شاء عندما يحتاج التهديد؟ وهل أنّ المختار لم ينقل ولا رواية واحدة عن النبيّ الكريم وأخيه أمير المؤمنين والحسن والحسين والسجاد لا بالنقل المباشر ولا بالواسطة، فأين روايات المختار عن أئمّة الهدى وجدهم الهادي الأمين عليهم الصلاة والتسليم؟!! وهل أنّ المختار صار مرتدًّا مدعيّـًا الإمامة فالنبوّة وربما الألوهيّة، فضلّ بسببه أقوام وسُفكت أنهار من الدماء؟ ولماذا لم يوثّق أيّ شخص من أئمّة الجرح والتعديل وأهل الرجال المختار، لا من السنّة ولا من الشيعة؟!!
ونحاول الإجابة على الاستفهامات الكثيرة خلال البحث إن شاء الله تعالى بالرغم من تفريعات البحث وتشعباته والمعرقلات التي تعرّض ويتعرّض لها ولكن نأمل أن يوفقنا الله لإتمام ما بدأناه.
المسألة الرابعة: كنا قد واعدناكم منذ فترة ليست بالقصيرة ببحث( السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللّحد) وبعد الاعتذار إلى الله ورسوله الكريم والاعتذار إليكم فإنّي وبتسديد الله تعالى وعونه وتوفيقه، أفي بوعدي لكم ومن الله التوفيق.
المحاضرة الأولى
السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللّحد
قال الله مولانا العزيز: بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابـًا أَلِيمـًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءمِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعـًا (139). النساء
{الذين يتخذون الأميركان وقوات الاحتلال والتي يسمّيها السيستانيّ، قوات التحالف، وقوات التآلف، والقوات الصديقة، ويتخذون الدول الشرقيّة والغربيّة المعادية للعراق والشعب العراقي أولياء، سبحان الله ما هو مقدار الخسّة والرذالة والانحطاط والتسافل الذي وصلتم إليه؟!! الآن تندمون على مواقفكم المخزية بعد أن انكشف كلّ الزيف والضلال والبطلان، فقد وقعت كلّ العمائم الفاسدة في الخزي وكلّ المراجع الفارغة الجاهلة الفاسدة التي أيدت المحتلّين وأيدت الفاسدين، وهذا النصّ القرآني لوحده يثبت عندك بطلان مرجعيّة السيستانيّ وبطلان المراجـِـع الذين يقفون مع السيستانيّ والذين يؤيدون السيستانيّ، وأبسط إنسان عندما يقرأ القرآن يجد أنّ هذه الآية تنطبق نصّـًا وحرفـًا على السيستانيّ ومواقفه من المحتلّين، حيث اتخذوا المحتلّين أولياء من دون المؤمنين، هل توجد مخالفة لنصّ صريح واضح أوضح من هذه الكيفيّة؟!!
عن الإمام الصادق، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قرأت في كتاب أبي: الأئمّة في كتاب الله إمامان: إمام هدى وإمام ضلال، فأمّا أئمّة الهدى فيقدّمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم! وأمّا أئمّة الضلال فإنّهم يقدّمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله اتباعـًا لأهوائهم وخلافـًا لما في مرضاة الله.
نعم يا سيدي ويا مولاي، لقد قدّموا أمرهم، وقدّموا منافعهم وقدّموا الأموال والرشا التي أخذوها، وقدّموا حساباتهم في المصارف البنكية في الشرق والغرب، قدّموا أرحامهم وأزواج بناتهم وأبناءهم، وقدّموا الفاسدين ممّن يسرق الأموال ويعطيهم منها.
الخزينة العراقيّة التي سُرقت والتي تتحدّثون عنها وعن الأموال التي ذهبت، أكثر من تسعين بالمائة من هذه الأموال ذهبت في كروش وبطون وبنوك وحسابات هذه العمائم العفنة المنحرفة؛ لذلك سكتوا ويسكتون عن الفاسدين، ولا يوجد حلّ للعراق إلّا بكشف هذه العمائم الفاسدة السارقة حتّى لا يُرجع ويُتّكأ ويُعتمد عليها، ويُغرر بالناس بهذه العمائم الفاسدة.
هوامش المحاضرة
__________________________________________________ _________________________________________
(1)إذن ماذا أفعل هنا؟ أنا فقط أتيت بحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كمورد وكشاهد للردّ على مبدأ ومنهج التكفير، أريد أن أقول: كما لا يصح التكفير هنا مع وجود هذه الروايات لا يصحّ التكفير هناك مع وجود تلك الروايات، هذا هو الكلام. أمّا مَن يريد أن يدلّس ويقتطع الكلام هذا شأنه، فلست أنا من يطعن وإنّما الاستدلال بهذه الروايات يستلزم الطعن.
(2)هل أنا قلت هذا الكلام؟ أم هذا حديث في مسلم والبخاري، حديث صحيح عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وأنا لم أأتي به هنا للطعن وإنّما أتيت به للاحتجاج به على الطاعنين والطعّانين والتكفيريّين.
(3)الآيات المباركة تتحدّث عن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن إيمانهم وصلاتهم وسجودهم وقتالهم وجهادهم، وخُتم الكلام الإلهي بأنّ كلّ مواصفات الإيمان لا بدّ أن تكون مقرونة بالثبات وبالعمل الصالح.
(4)والخليفة الأول والخليفة الثاني رغمـًا على أنوف الجميع ورغمـًا على أنوف الحاقدين كانا ممّن بايعا تحت الشجرة، والخليفة الثالث عثمان كان معذورًا في عدم تواجده وقت البيعة فلم يبايع واقعـًا وفعلًا، لأنّه قد أرسل من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مهمة؛ أرسله إلى مكة للتفاوض، ورغمـًا على أنوف الحاقدين والتكفيرين والنواصب والخوراج فإنّ معاوية لم يكن ضمن الذين بايعوا، فلم يكن قد دخل الإسلام. علينا أن نميّز بين طبقة وطبقة، بين صحابة وصحابة، بين مواقف صحابة ومواقف آخرين.
(5)فاذا كانت النسبة ( 1%) فهل يمكن أن نجمع بين روايات ارتدوا ولم يبقَ إلّا همل النعم وبين الروايات والموارد الشرعيّة القرآنيّة التي تشير إلى منزلة وكرامة وإيمان وصدق ومصداقيّة وصلاح الصحابة؟!! إذن المسألة صارت واضحة أنا فقط أريد أن أشير إلى قواعد وضابطة للاستدلال لكي يستفيد منها المطّلع والقاريء والسامع والباحث.
(6)إذن هؤلاء الأعراب في داخل المدينة ومن أهل المدينة وممّن يحيط بالمدينة وفي خارج المدينة هل هؤلاء ممّن بايع تحت الشجرة؟ هل هؤلاء ينطبق عليهم عنوان الصحبة مع الإقتران بالإيمان والصلاح والجهاد والأخلاص والصدق؟!! بالتأكيد لا يوجد أحد يقول بهذا، إذن المدينة بقيت مع استثناء هؤلاء المنافقين، لاحظ ليس فقط عنوان الصحبة وعنوان الاسلام ينطبق عليهم، بل ينطبق على هؤلاء المنافقين عنوان الإيمان كما في قوله تعالى ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما ) إحدى الطائفتين هي طائفة المنافقين وقادة المنافقين وشيوخ المنافقين، اقرأوا كتب التفسير وستعرفون، ونحن قلنا لنا عودة مع هذه المسألة وبتفصيلات لا بأس بها إن شاء الله.
(7)أنت عليك بالظاهر لا تأتي وتتحدّث عمّا في داخل الإنسان، وعما في قلبه وفكره وتحاسب وتعاقب الإنسان وتكفّره وتقتله وتبيح دمع وعرضه على ما في قلب الإنسان، هذا المنهج وهذا التكفير وهذا القتل والتقتيل هذا هو السلوك اليومي الآن الذي يحصل في العراقوالشام، حتّى لو أقسمت وحتّى لو أتيت بمائة بيّنة وألف بيّنة على خلاف ما يتهمك المقابل فإنّه يركبه العناد والتعصّب فينفذّ ما يعتقد به ويسفك الدماء ويهتك الأعراض!!!
(8)وهذا كموضع شاهد نسلكه تجاه الآخرين ومن رفع قول لا إله إلّا الله: فهنا نتوّقف عن الدماء والأموال والأعراض، أمّا تكون المسألة كيفيّة وكلّ شخص يتحدّث عن دولة الخلافة وعن الصحابة وبأيهم اقتديت اهتديت، فهنالك أفعال متناقضة متعارضة متخالفة قام بها الصحابة فهل تكون المسألة كيفيّة؟ هل آخذ بقول وفعل الخليفة الأوّل أم بقول وفعل الخليفة الثاني؟ وهل بقول وفعل هذا الصحابي أو بذاك الصحابي؟ مع إنّ الأفعال كثيرة وتأتي وتنسحب على التابعين وتابعي التابعين، وتنسحب على الخلفاء السلاطين المتسلّطين ما بعد الخلافة، صارت القضيّة سلطوية تسلّطية ويُصحح فعل الحاكم ويعتبر حجّة ويتخذه التكفيري أو المليشياوي قدوة لإجرامه!!!
(9)هذا ما يحصل الآن، بسبب المليشياويّين والمتسلّطين والحكام المتشيّعين، الذن يدّعون أنّهم ينتمون إلى مذهب التشيّع ويستغلّون اِسم التشيّع للفساد والإفساد والسرقة والتسلّط ويثيرون الطائفيّة من أجل البقاء، فبسببهم جعلوا الكثير من الجهال يتحدّثون عن أئمّة أهل البيت بسوء وسبّ وطعن وكلمات لا أخلاقيّة.
(10)فإن صحّ هذا الاستفهام وثبت واقعـًا فتذكّروا ما حصل في هذه الأيام، نفس الأسلوب، نفس المنهج، الآن أتوا بقانون اجتثاث البعث، وقانون 4 إرهاب، ولمّا استلموا السلطة والحكم أوقفوا كلّ شيء، ولمّا يأتي وقت الانتخابات تفعّل هذه القوانين.
---------------------
تقرير: سليم الخليفاوي
حسين الخليفاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
حب المرجعية .. حكاية ترويها لنا عشائرنا الأصيلة