الثلاثاء


المرجعية العراقية العربية شخصت الواقع قبل سنين

   




المرجعية العراقية العربية شخصت الواقع قبل سنين
بقلم / المحامية. هموم علي
 بعد سقوط النظام السابق ودخول الاحتلال برزت للعراقيين كثير من الوجوه التي لم يكن العراقيون يعرفونها مسبقا وبالخصوص في الفترة المظلمة التي مارس فيها صدام حكمه بالسيف والحديد , تصدت تلك الشخصيات لتحكم النفس العراقية وتقبض على عقل العراقي بيد ملوثة ملطخة بالدماء والشعب يأمل ان ينصح معه هؤلاء الساسة الجدد بعد ان زال نظام السجن والتغييب للفكر والعقل والروح ... طرح ساسة العراق كثير من المسميات والمصطلحات من اجل ايهام الشعب وكسب عواطفه ومشاعره فتارة بمسميات الطائفية وتارة بمسميات الوطنية واخرى القومية ... ومصطلحات عسكري واعلامية وسياسية ... لم يجن العراق منها سوى الدم والنار ! عندها رفع احد المواطنين استفتاء الى المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني ( دام ظله) كان ذلك في تاريخ ( 11 - صفر - 1428هـ , وتحت عنوان امن العراق ... وفرض النظام ) . يتضمن سؤالا قال فيه : ما هو رأي سماحتكم بتكوين تكتلات و تشكيلات جديدة في البرلمان العراقي من ضمنها أحزاب دينية تدعمها مرجعيات وأحزاب سياسية اخرى بدعوى انقاذ الشعب العراقي من أزمته الحالية في حين أعلنت نفس هذه الأطراف سابقاً تأييدها ومباركتها للخطة الأمنية الجديدة{فرض القانون} والسعي من أجل انجاحها, فهل يتناسب اعلانهم لهذه التشكيلات الجديدة مع تأييدهم لخطة{فرض القانون}, أو هو حكم سابق بفشل الخطة الأمنية ومحاولة ايجاد الحلول البديلة ؟ ودمتم للعراق والعراقيين سنداً وذخراً . فكان الجواب من السيد الصرخي الحسني (دام ظله) مرهما لكل الجروح وعلاجا لكل الازمات وتشخيصا حقيقيا لمواقف الكتل والساسة المخزية المشينة , وتنبيها للشعب الذي استخفه الزعماء فوضح ان السياسة اذا كانت سياسة الكذب والنفاق والافتراء والمصالح الضيقة والشخصية ... فأكيد انها ستنجب للشعب وليدا اعرجا اعوجا مقصوم الظهر ... مبينا سماحته التفاته غفل عنها الاغلب ان لم اقل الكل وهي التصريحات والمواقف المتناقضة للكتل والساسة حيث قال " يضع هؤلاء قدما في كل درب ومسلك يتناسب مع القوة و الضعف ومع السعة والضيق ومع مقدار ما يجلب من منفعة ومصلحة شخصية ودنيوية زائلة بالرغم من تنافي أو تضاد أو تناقض الطرق والدروب والمسالك فيصرح أحدهم بشيء ويصرح صاحبه ورفيقه وشريكه في الحزب أو التنظيم أو الحركة أو الجهة بشيء آخر يخالف و يناقض أو ينافي التصريح الأول و هكذا في تصريح ثالث ورابع ...و بهذا الكذب والنفاق فانه يضمن انتقاء القول والتصريح المناسب مع الحدث والواقعة التي تحصل وتقع خارجا و كأنه لم يتفوه و لم يصرح بنقيض ذلك ... انتهى وها نحن نرى الان حقيقة ما شخصه السيد وبالأخص نرى التناقض الصريح والواضح في المواقف والتصريحات لكل من تصدى , فنرى اعداء الامس اصدقاء اليوم واصدقاء الامس اعداء اليوم ونشاهد بأم العين كيف صار الدعم سحبا للثقة ! والتناحر والتقاتل والحرب المفتعلة صارت انسجاما وحبا وودا وتكاتفا وتعاضدا ! وكيف صار اللقاء فراقا والفراق لقاء ! وغلق الباب فتحا وفتحه الغلق ! والمساندة والدعم والمساعدة تكون وتصير نقدا وقدحا ومعارضة ! والادهى من ذلك والاعظم هو اذا كان كل ذلك تحت غطاء شرعي من رجال دين وعلماء , فتنقلب الموازين وتتبدل المواقف فيكون النفاق سياسة والكذب والافتراء والدجل وسيلة للاصلاح ! فيعلن سماحته العجب والعتب على اهل العراق الغيارى لانهم صدقوا ويصدقون هؤلاء اهل النفاق والمكر والتناقض ... اهل المصالح الشخصية والحزبية النفعية على حساب الاطفال واليتامى والارامل والشباب والشيوخ ... فبين السيد ان هذا الاسلوب هو بحد ذاته استخفاف بعقول ودماء العراقيين وهو نفس وذات النهج الذي مارسه فرعون والذي صرح به القرآن " { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ } زخرف/54 . اما الخلاص فيكمن في تنظيف النفس وتطهير العقل من براثن وعبودية الاشخاص والاحزاب والتطرف ومحاربة العاطفة التي يمكن لها ان تقودنا الى دعم وتأييد مثل هكذا أناس خرجوا عن انسانيتهم وتاجروا بعقولنا وانفسنا واعراضنا وثرواتنا ... ونعمل من اجل العراق وشعبه المحروم المظلوم... فقال بصريح العبارة " لماذا لا نحرر ونتحرر من القيود والسجون والظلم الفكرية والنفسية ونخرج وننطلق إلى وفي نور الحق والهداية والصلاح والإصلاح وحب الوطن والإخلاص للشعب ...ونعمل ونقول ونقف للعراق و من أجله وفيه واليه " انتهى . فأراد خطة امنية ذات خصائص الى الان لم تكن ولم تتوفر ومن تلك الخصائص هي لابد ان تكون الخطة الامنية "تحمي العراق وتصونه من الأعداء وتحافظ على وحدته وتحقق أمنه وأمانه وتحاسب المقصر بعدل وإنصاف مهما كان توجهه وفكره ومعتقده ومذهبه ...نعم لخطة أمنية تنزع وتنتزع وتنفي الميليشيات وسلاحها الذي أضرّ بالعراق وشعبه الجريح القتيل الشريد المظلوم ولا تفرق بين المليشيات الشيعية والسنية والإسلامية والعلمانية العربية والكردية وغيرها ...نعم لخطة أمنية تعمل على تحقيق وسيادة النظام والقانون على جميع العراقيين السنة والشيعة, والعرب والكرد , والمسلمين والمسيحيين , والسياسيين وغيرهم , والداخلين في العملية السياسية وغيرهم ,.... وكلا وكلا وألف كلا للنفاق الاجتماعي والنفاق الديني والنفاق السياسي الذي أضرّ و يضرّ بالعراق و شعبه وأغرقه في بحور دماء الطائفية والحرب الأهلية المفتعلة من أجل المصالح الشخصية الضيقة والمكاسب السياسية المنحرفة ومصالح دول خارجية " نعم هكذا لابد ان تكون الخطة الامنية التي شخص خصائصها السيد الصرخي الحسني في تلك الفترة ودفع ثمن ذلك التشخيص هو ومقلدوه في فترة كان الجميع يتهيب ان يقول لا للميليشيات ولو بهمس ان لم يكن الاعم الاغلب ممن يؤسس ويحرض الميليشيات , فهكذا اراد الخطة الامنية لا ان تكون مقيدة بالمنافع الحزبية ومكبلة بسلاسل الدول الاقليمية , اسيرة خطط اجهزة مخابراتية , لا ان تكون عمياء لاترى سوى الطرف المقابل وتغض النظر عن غيره . فالقانون معناه محاسبة المجرم والجاني والمقصر ... ودعم وحماية البريء والاعزل والناصح العامل ... وليس معناه ان يُستخدم كأداة لذبح المصلين العزل وطعن الاوفياء من ابناء هذا البلد والتعدي على بيوت الله وتهديمها وترك المجرمين الذين مارسوا ابشع واحقر الطرق لينالوا من شعبنا وكرامته وعزته يعملون ما يحلو لهم . هذا التشخيص الواقعي في تلك الايام والسنين انفرد به سماحة المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني (دام ظله) عندما كان الكل يطبل ويزمر لمنهج منحرف ظالم اضر بالعراق والعراقيين بانت عورته الان تحت رابعة النهار كما ترون , وقُطفت ثماره الان وهي الانقسامات وافتعال الازمات وتبادل الاتهامات والتصعيد الملحوظ الذي ينذر بنسف حقيقي لكل الاسس التي وضعت بعد سقوط النظام والتي رقص على مسرحها رجال الدين والافتاء وقادة السياسة الظلماء ... لو لم يكن سوى هذا التشخيص المنفرد به سماحته لكان جدير به ان يكون الضابطة لامتلاكه النظرة الثاقبة للأوضاع السياسية والاجتماعية , والدليل الواضح على عبقرية السيد الصرخي السياسية , وانطلاق فكره وذهنه الى الامام ليسبق السنين والاحداث ويصرح بما ستشهده الايام والاعوام . تلك الفترة التي اضطر الجميع ان يقبل بالتقسيم الى فسطاطين رئيسيين طائفيين ان صح التعبير وهما : ما يسمى بالفسطاط والخيمة الشيعية والاخرى ما يسمى بالفسطاط والخيمة السنية وعمل الجميع بواقع طائفي مفتعل محاك ومبرمج وفق برمجة قوات الاحتلال ودول الجوار التي تريد تقسيم ودمار العراق فأتى السيد الصرخي الحسني ليترفع عن هذه المسميات ويكون اكبر من ان يكون شيعيا او سنيا فقط بل انطلق من منطلق انساني رسالي محمدي اصيل يحتضن كل فئات الشعب العراقي وطوائفه ويكون همه الشعب وكيفية خلاصه من الدمار والذبح الذي لحق به نتيجة التصريحات الرعناء والفتاوى القاتلة التي ادت الى التفرقة والتشظي بين ابناء البلد والواحد فكان سنيا وشيعيا في آن واحد وعراقيا عنوانه العام وانسانا حرا ابيا في روحه وفكره وسلوكه ينظر بقلبه وعينه للجميع على اساس انهم بشر وعراقيون مظلومون تائهون تلاقفتهم الفتن لترمي بهم في شواطئ القتل والضياع ... لكن ... لكن ... لكن ... مثل هكذا انسان بماذا جوبه ؟ وبماذا تعامل معه زعماء الفسطاطين ؟ وبأي اداة كانت حربهم معه ونزولهم لقتاله ؟ {وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً }الإسراء72

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حب المرجعية .. حكاية ترويها لنا عشائرنا الأصيلة